صړخة علي الطريق بقلم ډفنا عمر
جده فعلا هو بس محتاح يتوازن ويستوعب اللي عرفه
يارب يا توفيق يارب
ثم تسائل باهتمام رائف فين عرف حاجة
لأ لحسن الحظ انه نايم من امبارح من الإجهاد وكل ده حصل بالليل متأخر
طب بلاش تعرفه
حاجة دلوقت
من غير ماتقول يا بابا ماكنتش هقول
بس مراتك ممكن
نهض والتمعت عينه بحدة إلهام مش هتعمل مشاكل تاني عن إذن حضرتك
وغادره ليضع معها النقاط فوق حروفها لن يسمح لها أن تتسبب بخسارة أبيه بعد هذا العمر
ولج إليها
ووجه لا يعكس خيرا فتقدمت تسبق قوله بدفاع مبرر توفيق أنا مقصدتش إن الموضوع ياخد الصورة دي أو اني ازعل عمي بس
هكذا قاطعها ليواصل مش قولتلك ماتدخليش أرتاحتي دلوقتي أما كسرتي خاطر شاب يتيم كام مرة قولتلك بابا بيحبه وبيعتبره حفيده خۏفتي يشارك ابننا في الميراث
طب وافرضي هو بابا عنده شوية ولا أنا وانتي عندنا قليل أحنا عملنا في غربتنا ثروة تخلينا مانحتاجش من حد حاجة حتي بابا ليه نبشتي الماضي وظهرتيه بالقسۏة دي ليه أنا ابويا يقولنا احجروا عليا أنا ابويا يحزن كده بسببك لو جسار هيرجع لابويا الفرحة تاني أنا اللي هرجعه بإيدي يا إلهام والميراث أخر همي
هدرت عليه بعد أن فاض الكيل أنت ليه محسسني اني الساحرة الشريرة في الموضوع هو انا عملت ده كله ليه مش عشان ابننا
وعشان مش محتاج اسيب غريب يقاسمه في حقه ده حتي مايرضيش ربنا وشرعه يا توفيق
لكن يرضي ربنا اغضب ابويا واقف قصاده صح يا ألهام مش ده اللي انتي كنتي عايزاه
لا طبعا أنا كنت عايزة بس افكره ان حفيده الحقيقي هو أولى وأحق وجسار في كل الأحوال كان هايجي يوم ويعرف حقيقته
بس مش بالطريقة القاسېة دي
وأيش عرفني انه هينزل في نفس الوقت ويسمع كلامي
والله لو أنا مكانه بعد التلميحات اللي انتي خرفتي بيها إن رائف هو اللي شبه جده وان جسار فاشل طبيعي شكه يكبر مش ينام غير اما افهم
صمتت دون رد متيقنه من منطقية ما يقوله وإن ظلت داخلها لا تري أنها مخطئة
حقي أنا وابني وثانيا أنا أخدت قرار نهائي مش هرجع فيه وانتي عليكي توافقي أو ترفضيه براحتك
رمقته بريبة بواصل أنا مش هتغرب تاني واسيب بابا انا ورائف كفاية اوي العمر اللي عدى وانا مش جمبه واللي كان مراعيه ومونسه هو اليتيم اللي انت قومتي الدنيا عليه لكن دلوقت خلاص جسار أكيد مش هيعيش هنا تاني بعد اللي حصل وأنا مش هسيب والدي للحزن والوحدة واسافر لأ هفضل هنا أبره واخد بالي منه واهون عليه
لو عايزة ترجعي للغربة ارجعيها مش همنعك
أشارت لصدرها باستنكار لوحدي أرجع لوحدي يا توفيق أنت بتطردني من حياتك
لا يا إلهام أنا بخيرك بينا وبين حياة الغربة وفلوسها اللي سحبت مننا العمر من غير ما نحس وبعدين اخواتك وولادهم وخالك هناك يعني تقريبا أهلك معاكي ممكن تروحي وتنزلي هنا أجازات كل سنة
دمعت عيناها بذهول بالبساطة دي بتستغنى عني خلاص كرهتني عشان قلت كلمة حق
لتاني مرة بقولك اني بخيرك القرار في ايدك بس لازم تعرفي حاجة أخيرة لو فضلتي هنا لازم ترجعي علاقتك بوالدي وتكسبي رضاه عليكي تاني وإلا هيفضل بيني وبينك شرخ كبير
خطي خطوتان نحو باب الغرف ثم توقف ليقول قبل أنا يغادر قدامك فرصة لحد ما الأجازة تخلص عشان تقرري هتفضلي ولا هترجعي لغربتك من غيرنا وتزودي رصيد حسابك في البنك
مټألمة من قراره مجرد تفكيره أن يفترق عنها بهذه السهولة زرع في قلبها غصة تحجرت داخلها وشعرت أن أنفاسها تضيق
سيجرد نفسه من كل شيء هذا ما فاض به تفكيره الساعات الماضية لم يعد يستحق شيئا من تلك العائلة زهد كل ما يملكونه المسكن الراقي سيارته الفارهة مكتبه الفخم رصيده البنكي المتاح له دون حساب النفوذ بلقب عائلة لا تجري دمائها في عروقهكل شيء هان عليه وبخست قيمته لم يعد هذا الملكوت يساوي عناق يجمعه بأبيه الحقيقي بشقيقه إن كان له أشقاء هدفه وحلمه الآن لم يعد أن يصدح أسمه عاليه في أروقة المحاكم وهو ليس أسمه من الأساسا ليس جسار بل مجدر شريد يتسكع علي أرصفة مغبرة بالشتات يبحث عن بداية جديدة لحياته تناسب شخصا أكتشف لتوه
أن ماضية مجهول وحاضره ضائع ومستقبله سراب
ربما لا يعرف أين ستكون وجهته لكن يكفي أن يأخذ قراره والبقية سيتركها بين يدي الرحمن
التقط سلسال مفاتيحه الكثيرة وتأملها برهة ثم توجه ليغادر حيث الرجل الذي آواه
ليعلم قراره
ضغط ذر المصعد
ووقف ينتظر وصوله بشرود طفيف ليتفاجأ به يشرع ويطل منه رجلا وقور الهيئة تعرف عليه جسار علي الفور وهو يغمغم بدهشة
أمين بيه
مشط الرجل هيئته الغير منظمة سريعا وقال
واضح اني جيت في وقت مش مناسب وكان لازم اخلي سارة تاخد منك معاد
تمالك جسار نفسه سريعا ورد قائلا لا ازاي حضرتك تشرف في اي وقت اتفضل
واستدار يفتح باب مكتبه ثانيا وهو يدعوه للدخول
أعد له قدحا من الشاي وقال معلش
محدش موجود هنا كله أجازة غمغم أمين ولا يهمك وتسلم ايدك وأسف مرة تانية اني عطلتك
ابتسم جسار رغم ما يخفيه وقال مش هيجرى حاجة لو أجلت نزولي شوية واستطرد بعملية أنا تحت أمر حضرتك في اللي جاي عشانه يا أمين بيه
حاصره الرجل بنظرة ثاقبة طالت قليلا قبل أن يفيض بما جاء من أجله عايزك مستشار قانوني للشركة بتاعتي
صدم جسار من عرضه المباغت وفي هذا التوقيت من دقائق معدودة لم يكن يدري كيف سيبدأ من جديد طريقه بعد أن قرر التخلي عن كل ما يملك للجد ليكون الله رحيما به ويرزقه بعمل أخر وبسرعة لم يستوعبها بعد
هسيبك وقت تفكر بس عايزك تطمن أن المرتب هيكون مجزي جدا
موافق
أعلنها واضحة دون مراوغة العرض بكل المقايس فرصة لرجل كاد أن يتسكع في الطرقات دون عمل أو مآوى أما أمين فلمعت عينه بعد أن حصل علي بغيته من تلك الزيارة سيضع ذاك الشاب تحت مجهره مادام الأمر يخص قلب ابنته سارة ولمس تعلقها به بعد أن سمع جزء من حوارها مع شمس فليختبره ويراقبه ليحكم عليه عن قرب ولم يكن ليحدث هذا لولا صنع جسرا للتعامل المهني المشترك بينهما ولكل حاډث حديث لاحقا
رواية صړخة
على الطريق
بقلم ډفنا عمر
الفصل السادس
وقف بسيارته أمام بوابة الفيلا التي كانت مآواه طيلة حياته بينما الآن أصبح مجرد غريب يطرق بابها الموصد ويستأذن لمقابلة الجد تجاهل دهشة الحارس من طلبه وغاب لحظات ثم عاد ليبلغه بالدخول أو هكذا ظن قبل أن يجد من يهرول عليه بلهفة واضحة رغم عمره حاوط جسار جده بحب حقيقي لم ولن ينضب داخله فإن كڈب كل شيء لن ېكذب عاطفة هذا العجوز الطيب الذي رباه كأنه من نسله وحنانه الذي غمره به إن خسر كل شيء لن يترك غنيمته الغالية في قلب جده
بتستأذن تدخل بيتك ياجسار !
همسها الجد بعتاب ومازال يحتويه بذراعيه الواهنة فابتعد عنه وتمتم متغاضيا عن عتابه أسمحلي اخد من وقتك دقايق واتكلم معاك في حاجة مهمة
أجابه بعاطفة لا تكذب بعيناه الذابلة عمري كله ليك ياجسار مش بس دقايق تعالى معايا وجذبه من يده للداخل صار وكأن الزمن قد عاد به للوراء بضع سنوات حين كان طفل صغير يتبع جده الحنون وأنامله مستكينة بكفه رعشة طفيفة أصابت جسار فطن لها الجد وأدرك مغزاها هو لم يفقد رصيده في قلب حفيده الأول حتى لو كانت دمائهما ليست واحدة مازلت حبال العشرة والحب معقودة بينهما ولم تنقطع
أثناء مروره للداخل قابله رائف يصيح بمرحه المعهود بقي كده يا كبير تسيب أخوك الصغير وتخرج ناسي الخروجات اللي وعدتني بيها
ظل يرمقه بحزن شديد من ظنه طيلة عمره الماضي شقيق وسند له لم يعد شقيقه تلاشت صلة قرابتهما بعد أن تعرت الحقيقة وعلم أنه مجرد دخيل على هذه العائلة
أخوك كان عنده شغل يا رائف
ثم استطرد الجد هو ينظر لجسار بس أكيد مش هينسى إنك اخوه لأنه مالوش غيرك
تلجم جسار وهو ينظر لجده ولم يعرف ماذا يقول
ورائف كمان مالوش غير اخوه جسار
لو نبعت العبارة من الجد ما تعجب لكنها صدرت عن والده أو من ظنه والده يوما ليسترسل توفيق وهو يقترب مش كده برضو ياجسار انت ورائف اخوات ومفيش حاجة هتفرقكم
ابتسم الجد بفخر ورضا تام عن تصرف أبنه وموقفه الإنساني حيال جسار ربما ظلمه حين أعتقده قاسې القلب لكن ها هو يثبت له كم كان خاطيء بشأنه
انتو كلامكم غريب كده ليه يا جماعة كأنكم بتعرفوني أنا و اخويا على بعض من جديد بابا وجدو
مالهم أنهاردة يا جسار
مازال الأخير في حالة عدم توازن وحزن جعله يلتزم الصمت المتأمل بعجز ليتدخل توفيق بقوله طيب بطل لماضة بقي وروح شوف رايح فين وسيب أخوك مع جده شوية
ماشي يا سي بابا ثم نظر لأخيه وقال انا منتظر ټوفي بوعدك يا كبير أوعي تنسي اخوك أنت وأشرف لم يستطع أن يخذل تلك العاطفة الناضحة له من أخيه فغمغم أخيرا إن شاء الله يا رائف
مش
هنسى
فوق سطح المكتب حرر ميداليته الفضية التي تجمع مفاتيحه تحت بصر الجد نادر وتوفيق الذي تسائل ايه ده يا جسار
نظر له الأخير مقرا بهدوء دي كل المفاتيح بتاعة العربية والمكتب وشاليه اسكندرية والفيلا واستطرد والفيزا بتاعة البنك
غبر الحزن محياهما وقال الجد بتأثر وغيامة دموع بدأت تتكثف بمقلتاه خلاص يا ابني ناوي تنسحب من حياتنا بالبساطة دي كأننا غرب عنك خلاص مفيش جدو اللي بتحبه وتحكيله كل حاجة في يومك جدو اللي كنت مش بتنام غير لما تطمن انه متغطي وواخد علاجة ومش تعبان هتنسانا وكأنك متعرفناش وتخرج من البيت اللي اتربيت جواه سنين عمرك كله هتنسي طفولتك هتنسى لعبنا سوا هتنسي كل حاجة عشتها هنا ياجسار
لو كان رشق بقلبه سهام حادة لما ألمته كتلك الكلمات التي مزقت
روحه دني منه واحتوي كفي جده بين راحتيه القوية وهمس بصدق لو نسيتك ياجدي ابقي جاحد وقليل الأصل خروجي من البيت والتخلي عن رفاهيات مبقيتش من حقي مش معناه اني بنسحب من حياتك ده
انت لو طردني وقولتلي امشي همسك في ديلك ومش
هسيبك لأني مقدرش ابعد عنك أنت أغلي وأهم شخص عندي في الدنيا انا معرفش