الثلاثاء 26 نوفمبر 2024

غير قابل للحب منال سالم

انت في الصفحة 40 من 57 صفحات

موقع أيام نيوز


وجه كلامه إلى فيجو بما بدا أمرا
ابق مع زوجتك وسأتولى أنا باقي التحقيق.
احتج عليه في تذمر طفيف
ولكن...
قاطعه قبل أن يبدي اعتراضه بإشارة صارمة من يده فابتلع فيجو باقي جملته في جوفه توقيرا له وظل واقفا إلى جواري لحين انصراف والده عندئذ انطلقت متسائلة في لهفة قلقة
لم
تجاوبني بعد
أين هي أمي وشقيقتي
تنهد سريعا وأخبرني

لقد عادتا إلى ميلانو.
فاق رده كل ما هو متوقع فانتفض واقفة في التو وسألته في ذهول
ماذا تقول كيف ذلك
ترنحت من وقفي المفاجئ فأمسك بي فيجو بقبضته القوية ليمنعني من الاهتزاز نظرت إليه في تعب ثم أجبرني على الجلوس وهو يأمرني
اجلسي لا داعي للوقوف وأنت تشعرين بالدوار.
حاولت النهوض من جديد لكن قبضته حالت دون وقوفي سألته في صبر نافد
لا تتركني هكذا من فضلك أخبرني كيف عادت الاثنتان إلى هناك والسيد مكسيم كان رافضا لهذا الأمر
حاد ببصره بعيدا عن نظراتي المتابعة له وقال
وجودهما ضروري فنحن بحاجة لتسوية بعض الأمور المعلقة.
سألته بقلب يدق في جزع
أيعني ذلك أنهما في خطړ
مال ناحيتي واستطرد في هدوء لكنه نجح في مضاعفة مخاۏفي
حلوتي كلنا في خطړ ما لم نتخذ حذرنا على الدوام.
اعترضت على محاولته إخافتي وقلت
هذا ليس برد.
هيا بنا أنت بحاجة للراحة.
علقت بتذمر
أريد أن اطمئن عليهما من فضلك أنا لا أطلب الكثير.
لم ينظر تجاهي وهو يخاطبني
لاحقا.
أدركت أن استمرار الضغط عليه لن ينفع بشيء فتوقفت عن إلحاحي ولذت بالصمت لكن ظل الصخب دائرا برأسي مسببا لي المزيد من الصداع المؤلم كنت بحاجة لإسكاته بالمسكنات القوية ويا ليت كل شيء مؤلم معنويا يزول بها مثله!
.........
هل بإمكاني منح الغفران لمن لا يستحق
ظل هذا السؤال المحير يراود عقلي بعد أن وضعني فيجو على الفراش وتراجع عني بضعة أمتار لينشغل بالحديث هاتفيا لم أسمع غالبية ما يقوله فقد كانت نبرته إلى حد كبير مقتضبة وخاڤتة. راقبته من موضعي بنظرات شبه حذرة كان يوليني ظهره يتطلع عبر نافذة الشرفة يقف شامخا منتصبا هادئا لا يبدو عليه الخۏف أو الفزع على عكسي أنا التي أخشي إطباق جفني على بعضهما البعض لأرى شبح چثة الخادمة وهي تتطلع إلي في لحظة بعجز قبل أن تتمدد أمامي استعادة انفلات أعصابي وتجاوز ما خضته رغم شكي بأنه لن يمضي بسهولة. طال تحديقي الشارد فيه مستمرا إلى أن تنبهت لالتفافه وتطلعه تجاهي حينئذ تلبكت بشكل ملحوظ. لم يعلق علي وسألني في جدية
هل هناك خطب ما
رمشت بعيني قائلة
لا.. لا شيء.
لاحظت كيف يتفقد بشكل تلقائي قبل أن يضيف
أبلغني أفراد التأمين أن الطبيب قد جاء سيأتي إليك فورا.
هززت رأسي هاتفة في إيجاز
جيد.
ترددت قبل أن أكرر طلبي عليه
أريد أن أطمئن على أمي وشقيقتي.
نظر ناحيتي معقبا وهو يدس يديه في جيبي بنطاله
لاحقا.
جلست مستقيمة على الفراش وأخبرته بإصرار
ولكني لن أشعر بالارتياح إلا بعد رؤيتهما أو على الأقل سماع صوتهما.
طالعني بهذه النظرة الغامضة قبل أن يقول
كلتاهما بخير.
لم أكن مقتنعة برده فأضاف كنوع من الإيضاح
كما أن لوكاس معهما فلا داعي للقلق مطلقا.
غمغمت بغير صوت وقد انقلبت سحنتي
اللعڼة هذا ما كان ينقص شقيقتي.
على ما يبدو لاحظ ما انتشر على قسماتي من انزعاج فاستطرد
يبدو من ملامح وجهك أنك غير راضية.
بررت له سبب مخاۏفي فقلت
أنت تعلم ابن عمك وشقيقتي ليست من النوع المتساهل.
أصغى إلي باهتمام فواصلت كلامي بصيغة متسائلة
لماذا أرسلتهما بعيدا إن كان سيظل لصيقا بها
راوغني حين أجاب وقد أخرج يديه ليكتف ساعديه أمام صدره
قلت لك طرأت بعض المستجدات هناك وأردت ذهابه بنفسه لتسويتها هي فقال
لم أسمعك.
تنحنحت معقبة بارتباك
لم
أقل شيئا.
نظراته ناحيتي
عنت أنه لم يصدقني فأشحت بعيني بعيدا عن هذه النظرة الفاحصة التي تبدو كما لو كانت تنفذ إلى أعماقي لتسبر أغواري. طرقات متقطعة على الباب منعته من الإلحاح في حصاره لي بالأسئلة أعقب ذلك استئذان أحدهم بتهذيب زائد
هل تسمح لي بالدخول سيدي
اتجهت بناظري نحو الباب فرأيت ذلك الطبيب مارتي الذي أشرف منذ مدة على رعاية والدتي جاء بنفسه اليوم لأجلي وخمنته أنه كذلك من تولى مسألة متابعتي الطبية. أشار له فيجو برأسه ليدخل قائلا
تفضل.
تقدم تجاه الفراش وأسند حقيبته الصغيرة على الطرف ثم رمقني بنظرة شمولية وهو يسألني
كيف حالك سيدتي
أجاب فيجو عني موضحا بيده
أصابها دوار قبل قليل وتشكو من الألم في كتفها.
أخبره مارتي في هدوء
هذا متوقع فالإصابة لم تكن سهلة.
انحنى ناحيتي وراح يدقق في فحصه لموضع الإصابة بتأن شديد ثم أكمل حديثه بصوت رزين لكنه في غاية الجدية
إن انخفضت فقط هذا القدر لربما اخترقت قلبها وفارقت الحياة في التو.
انقبض قلبي خيفة من مجرد تخيل الأمر وتنهدت هاتفة في بسمة زائفة لأخفف من وطأة الأمر واستخف به
ما زال في عمري بقية.
للدهشة الشديدة أتى تعليق فيجو صاډما لي بدرجة لا يمكن تخيلها
هذا لحسن حظي فكيف أحيا بدونها
رفعت بصري ناحيته وتساءلت بفم مفتوح من عظم الاندهاش
ماذا
تعابير وجهه كانت هادئة غير مقروءة من الصعب تفسيرها وهذا ما كان يحيرني فليس من السهل أن تكشف ما يظهر عما يبطن. تنبهت لكلام مارتي وهو يضيف
قد تحتاج فيما بعد لعملية تجميل.
اعترض عليه فيجو بنفس الصوت الهادئ وكامل عينيه مسلطة علي
أريد أن تبقى الندبة كما هي.
زويت ما بين حاجبي في دهشة فقال بشبح ابتسامة تشكلت على زاوية فمه
لتذكرني بتضحيتها العظيمة من أجلي.
لم أعرف إن كان يتحدث بجدية أم يسخر مني ولو أني اعتقد في الأمر الأخير لكوننا نعلم جيدا طبيعة ما دار انتظرت بفارغ الصبر انصراف الطبيب لأسأله
أتصدق هذا الهراء
من جديد أرخى ساعديه ووضع كفيه في جيبي بنطاله فتابعت موضحة بنفس النبرة المتسائلة
أني ضحيت لأجلك
ظل يتطلع إلي في هدوء فأوضحت
لقد كنت أفرغ ڠضبي العارم فيك أم أنك نسيت
خاطبني بغموض غير كاف
سنجعل الجميع يعتقدون في تضحيتك.
ضاقت عيناي بمزيد من الحيرة فاستطرد مضيفا
خاصة السيدات القادمات لرؤيتك.
سألته في تحير
من هؤلاء
وقبل أن يجاوبني أبديت رفضي للفكرة برمتها
لا أريد مقابلة أحد.
حينئذ تبدلت تعابيره للتجهم وقال في تشدد دون أن يحرر كفيه من جيبي بنطاله
اسمعيني جيدا أنت زوجتي وعليك الكثير من المهام الضرورية منها لقاء زوجات رجالنا المخلصين وسماع ما يدور بينهن من أحاديث جانبية ونقلها إلي.
رددت بصراحة ما فهمته من سياق الكلام
إذا قل أنك تريدني أن أصبح جاسوستك.
لم يبد مباليا بتهكمي المعارض له وقال
لا تفرق معي التسمية المهم النتيجة في الأخير.
حدت بنظراتي متجنبة التحديق فيه وشردت لحظيا لكن في داخلي دمدمت بإحباط غريب
وأنا ظننتك تهتم بي.
رفعت رأسي ناحيته عندما تكلم من جديد
إن ماټت سأحضر لك غيرها.
ثم غمز لي بطرف عينه هل من المفترض أن ابتسم على ما بدا له أنها طرفة عبست أكثر بتعابيري وتابعت ذهابه لاستلقي بعدها بظهري على الوسادة المريحة وأنا أخبر نفسي
وصوت صړاخي يعلو أحيانا
أجد فيجو يهزني برفق لأستفيق حينئذ أنظر إليه بارتعاب فيخبرني ألا أخاف فانكمش على نفسي خيفة منه لاحظ مدى رهبتي منه لهذا كان لا ينهرني لشعوري المبرر ناحيته وفي أحيان أخرى أكون بمفردي أتصبب عرقا.
في المرة الأخيرة عندما أفقت من معايشة كابوسي المفزع لم أكن وحيدة وجدت امرأة غريبة إلى جواري تمكث معي في غرفة نومي دون أن أكون واعية لحضورها. نظرت إليها باسترابة مستنكرة وسألتها بأنفاس غير منتظمة
من أنت
أجابت ببسمة مهذبة وهي تخفض رأسها
أنا الخادمة الجديدة سيدتي.
وقبل أن أباشر بالانتقال للسؤال التالي كانت الأسبق في إضافة ردا مشبعا لحيرتي
لقد أرسلني السيد فيجو لأكون إلى جوارك وفي خدمتك طوال الوقت.
تحكمه الزائد في حريتي خاصة خلال غيابه طوال هذه الأيام العصيبة أزعجني بشكل كبير فأفرغت شحنتي العصبية في الخادمة وصحت بها
لا أريد أحدا بداخل غرفة نومي اذهبي من هنا.
ثم رحت أتحسس بيدي كتفي بعد أن نزعت الجبيرة عنه للغرابة أصرت الخادمة على البقاء رغما عني فقالت
ولكنه أمرني بهذا لا أقدر على عصيانه خاصة حينما لا تكونين على ما يرام.
احتدت نظراتي ناحيتها ورأيتها تبسط يدها تجاهي بعد أن التقطت شيئا من على الكومود لتأمرني رغم الأدب الظاهر في صوتها
من فضلك تناولي هذا.
ضاقت عيناي بشكل واضح وسألتها في تجهم
ما هذا
أجابت بنفس الوجه الجليدي
إنه الدواء الذي وصفه الطبيب لحالتك سيفيدك كثيرا ويهدئ من روعك.
نفضت يدها محتجة لأطيح بالقرص الدوائي الموضوع في الطبق الصغير في الهواء
لا أريد.
ثم أمرتها في حدة وأنا أشير بسبابتي
هيا اذهبي أريد البقاء بمفردي.
انحنت لتلتقط القرص بعد أن حددت موضعه ثم استقامت واقفة وخاطبتني في لهجة متأدبة
أعتذر منك لكنها الأوامر سأظل باقية هنا إلى أن يعود السيد فيجو
عندئذ قمت من رقدتي وأزحت الغطاء عني لأقف في مواجهتها دفعتها

________________________________________
بقوة في جانب كتفها وصړخت في حدة
ماذا أتحاولين إغضابي اغربي عن وجهي.
لدهشتي تمسكت بجمودها وأخبرتني بهدوء شديد كأنها تمثال مصنوع من الحجر
سيدتي افعلي بي ما تشائين أنا لن أبرح مكاني.
استخدمت كلتا قبضتي رغم وخزات الألم المتفرقة المنتشرة في كتفي المصاپ لأزيح الخادمة من طريقي وأنا أهينها
أيتها اللعېنة السمجة هيا اذهبي!
كدت أنجح في إبعادها بالرغم من حدة الآلام التي تعصف بي لولا أن ولج فيجو إلى الغرفة فتوقفت عما أفعل وأنا ألهث. نظر إلي متعجبا وتساءل
لماذا صوتك مرتفعا حلوتي
تدليلي في هذا الوقت السخيف كان متناقضا في غير محله ناهيك عن كونه لا يليق مع شخص معروف بإجرامه حولت ڠضبي تجاهه وهدرت في غيظ
هل هذه مزحة سخيفة منك
وجدته يتجاهلني ليأمر الخادمة ببرود صارم
اذهبي.
قالت من فورها وهي تخفض رأسها توقيرا له
سمعا وطاعة سيدي.
بمجرد أن ذهبت بعيدا واصلت صړاخي اللائم به
أتضع مراقبة علي في غرفة نومي وفي فراشي أجننت
تحرك في اتجاه غرفة تبديل الثياب نازعا عنه سترته وقال
اهدئي الأمر لا يستحق كل هذه الثورة إنها هنا لمساعدتك.
تبعته مصرة على احتجاجي
لا أريد أي مساعدة أنا لم أصل بعد للجنون لتعين من يراقبني بهذا الشكل الخانق.
استدار ليطالعني عن قرب وقال بنفس النبرة الهادئة المغيظة
عزيزتي أعصابك مرهقة و...
شعرت بيده تلمس ذراعي وصوته قريبا من أذني يسألني
ألم أقل لك أن تنتبهي أكثر
انتفضت من لمسته قائلة في نفور
ابتعد.
انقلبت ملامحه لردة فعلي فقلت وأنا أتراجع مبتعدة عنه
سأذهب للخارج.
استوقفني بالإمساك
بي من ذراعي الآخر قائلا
انتظري.
أزحت
قبضته عني مرددة في حدة
لا تلمسني.
قائلا في لهجة آمرة متحكمة
اسمعيني جيدا...
ارتجفت وأنا أسيرته حاولت الفكاك منه لكني عجزت أمام قوته الطاغية بدا مستمتعا بمقاومتي الواهنة فأكمل 
أنا لا أتساهل مع أحدهم كائنا من كان ولهذا لا تعاندي أو تختبري صبري كثيرا مهمتك هنا هي طاعتي في أي شيء أطلبه سواء أعجبك أم لا.
حل بحلقي جفاف عجيب وزادت الرجفات الغريبة التي راحت تجتاحني كموجات متلاحقة خاصة حين قال كأنما يمهد لشيء علم جيدا درايتي به
كما أني...
شعرت بأنفاسه تلاطم بشرتي وتلهبها مع صوته الهامس
لست ماهرا في التدليل ولا أطيقه وما
 

39  40  41 

انت في الصفحة 40 من 57 صفحات