الأحد 24 نوفمبر 2024

غير قابل للحب منال سالم

انت في الصفحة 25 من 57 صفحات

موقع أيام نيوز


حدث آنئذ كثيرا.
حلت غضاضة موغرة في روحي بعد هذه العبارات حيث أشعرتني بوخزة مزعجة في قلبي. لفظت الهواء من رئتي ببطء خاصة عندما أخبرتها بصعوبة مقاومة تأثير مشاعري المرهفة على صوتي
أذكر أن والدي توفى بعد التقاطها بمدة قصيرة.
صححت لي فيما بدا لي صدمة جلية
لا .. في نفس اليوم.
صحت في دهشة
معقول لكنك أخبرتني بغير هذا.

رمشت بعينيها مؤكدة
لم أرغب في إحزانك خاصة أن ما حدث كان بشعا للغاية.
راحت والدتي تسحب شهيقا عميقا تحفز به نفسها كأنما تستعد لمهمة جديدة باتت إلزامية عليها أرادت للمرة الأولى بعد سنوات إطلاعي على حقيقة ما دار على خلفية ذكرى التقاط هذه الصورة تحديدا.
تتابعت على رأسي الذكريات المفجعة الحزينة تلك التي كانت إلى حد كبير مبهمة منقوصة غير مفهومة بالنسبة لي خاصة مع صغر سني وتواجدي حول أشخاص يرتدون البذات السوداء وسيدات تبكي وتنوح في لوعة. سردت صوفيا پألم التفاصيل المرتبطة بحاډث ۏفاة والدي حكت أنه تم إخبارها من قبل توماسو بتجهيز غرفة الاستقبال وإعداد أصناف الطعام الشهي من أجل الزوار المهمين القادمين لعقد اتفاق تصالح لضم الصفوف وتوحيد الجبهات ضد الھجمات الغادرة من الجماعات الأخرى المنافسة لهذا حرصت والدتي على إظهاري بمظهر لائق وأفرطت في تزييني كما فعلت مع شقيقتي ونفسها.
أخبرتني أن رومير حضر لهذا الغداء قبل أن يأتي الضيوف ومعه أندور التقيا بزوجها ومكث ثلاثتهم لبعض الوقت إلى أن كانت أصوات جدالهم عالية بعض الشيء حضرت على عجل متوجسة خيفة من حدوث مشكلة ما نهرها شقيقها لتدخلها غير المسموح وطلب منها عدم تكرار
الأمر مهما سمعت من حوارات خاصة حين يأتي الزوار إلى هنا. بالطبع لم تكن لتخالف أي أوامر موجهة إليها سواء من شقيقها أو زوجها فكلاهما من كبار قادة الماڤيا.
لاحقا أخبرتني أنها استقبلت مكسيم وابنه البكري وماركوس أعطهم المشروب وغادرت سكتت لبرهة ولم أجازف في قطع فترة صمتها على ما يبدو كانت تستحضر كافة ما يتعلق بالذكرى من مشاهد مؤلمة قالت أنها عادت بعد برهة على الصړاخ المنادي
صوفيا.
جاءت مهرولة تقول في طاعة
ما الأمر
أخبرها مكسيم في لهجته الحازمة
أخرجي هذا الصبي من هنا.
توجهت أنظارها نحو الفتى المتجهم كانت عيناه ملتهبتان ووجهه يشتعل من صدغه ظنت أنه ربما تلقى صڤعة عڼيفة فهناك آثار أصابع محفورة على بشرته تشتت نظراتها عنه لتسمع ماركوس وهو يقول مبررا
اهدأ مكسيم إنه غض غير ملم بالقواعد بعد.
أنت لا تزالين هنا خذيه واذهبي.
هرولت نحو الفتى تمسكه من ذراعه لتسحبه خارجا وهي تقول في انصياع مرتاع
حسنا.
ما إن ابتعدت به عن محيطهم حتى سألته في اهتمام أمومي
هل أنت بخير هل أحضر لك ثلجا
نفض يدها المقتربة منه وقال في عدائية صريحة
لا تلمسيني.
ثم تركها وركض خارج بهو الفيلا ليبقى بمفرده في الحديقة احتارت صوفيا في التصرف معه لم تتعامل سابقا مع أمثاله من حادي الطباع لكنها تذكرت أنها مضطرة لتجهيز المأدبة في عجالة لذا لم تلحق بالفتى وانشغلت بمهامها المنزلية.
عادت أمي من انخراطها في دوامة الماضي لتخبرني والدمع يسيل من عينيها بأن ما تلى ذلك كان دمويا بشكل مخيف رددت بصوت متهدج
انطلقت الأعيرة الڼارية من الداخل وعلمت فيما بعد أن توماسو سقط صريعا في دمائه...اهتز كل ما بي لمجرد تخيل المشهد في رأسي بكيت في صمت ووالدتي لا تزال تتكلم
المرعب في الأمر أنك صغيرتي كنتي في الحديقة وآن كانت مع المربية بالأعلى كنا حرفيا تحت الحصار.
أجهشت صوفيا بالبكاء وبدا مسموعا فطلبت منها برفق
لا داعي أمي من فضلك اهدأي.
وكأني أحادث الفراغ واصلت سرد ذكرياتها الأليمة
عج المكان بالرجال من الطرفين واحتدمت المواجهات كان الجميع فيها في خط الڼار.
شعرت بانتفاضتها بين أحضاني فرجوتها بشدة
توقفي أمي أنت غير مضطرة لهذا.
قالت رغما عني كأنما وسيلتها لتنفيس مشاعرها المكبوتة
امتلأ المكان بالمزيد من الضحايا وعلمت من رومير أن مكسيم وشقيقه قد فرا بعد إصابة الأخير بإصابة خطېرة.
زدت من الضمة مؤكدة عليها وقد أطبقت على جفوني لأطرد عبراتي العالقة
لقد مضى وانتهى نحن بخير الآن.
تنهدت صوفيا في عمق لعدة مرات واستطردت بعد ذلك
نعم أنت محقة.
تراجعت عني لتضع الصورة التي كانت لا تزال في يدها على الطاولة القصيرة المستديرة 
الانتقال لهذه الجزئية كان موترا لأعصابي اختلست النظرات لأتأكد من عدم متابعة أحدهم لحوارها الاسترسالي وطلبت منها بصوت اكتسب طابعا جديا رغم خفوته
لا داعي للحديث عن ذلك الآن ونحن في بيتهم.
ابتسمت لتطمئنني وهتفت في لطافة
الأمر اختلفت قطعة السكر لا تخافي.
جالت عيناي في حركات عشوائية حول الأركان من أجل
ضمان انفرادنا وهذا الصوت المستنفر يردد في رأسي
لا نزال في قبضتهم وهل يأمن أحدهم لمكر الثعالب !!
يتبع الفصل السادس عشر
الفصل السادس عشر
على ما يبدو كان للحديث المستفيض مع صوفيا تأثيره الأكبعقلي لأعايش لحظات غابرة من طفولتي خلال نوبة من الأحلام الغريبة المتداخلة ما أذكره بوضوح من تفاصيل هو أني كنت صغيرة السن أرتدي نفس الثوب المنتفخ في يوم ميلادي لكني بعقلي اليوم اندهشت لقدرتي على تذكر لهوي في حديقة الفيلا الواسعة كنت أعشق اللعب في بيت الدمي كان مضاهيا في حجمه حجم بيت كلب الحراسة مع فارق أنه تم طلائه باللون الوردي.
كانت لدي ألعاب تناول الشاي واستقبال الضيوف كنت بمفردي آنذاك أرتب الأواني والفناجين لا أكترث بالا لما يحدث بالداخل فقد كانت هذه فقرتي المفضلة ادعاء استقبالي للزوار رغم أني لم ألعب سوى بمفردي غالبية الوقت فشقيقتي آن كانت لا تزال صغيرة والمربية تعتني بها إلى جانب أمي. أذكر أني سمعت جلبة آتية من عند الباب أعقبها خروج هذا الفتى الصغير والذي لم أتمكن من تبين ملامحه بدا من العسير علي رؤية وجهه بوضوح كان كالأطياف يتعذر علي رؤية تفاصيله لمحته وهو يسير مقتربا من بيت الدمي وعيناه مرتكزتان علي ما ظل حاضرا في ذهني هي نظراته الڼارية لم أر في مثل ڠضبها سابقا خاصة في طفل مثله.
حدجني بنظرة جعلتني أرتجف دعوته في براءة
هل تلعب معي
وقف قبالتي ظل يطالعني بنظرته المليئة بالشړ فسألته من جديد مبتسمة وأنا أرفع فنجان القهوة
هل تشرب الشاي
لم يجبني كان متحفزا بشكل غاضب لم أتفقه له كدت أتكلم من جديد لكنه تقدم مني خطوة وأطاح راكلا بقدمه في قوة الطاولة القصيرة التي أرص عليها أشيائي اللطيفة أمام بيت الدمي لتتبعثر كافة الألعاب هنا وهناك. نظرت له مدهوشة وأنا شبه عاجزة عن الصړاخ بدت فعلته المفاجأة صاډمة لي

________________________________________
والغريب أني لم أصرخ تقوست شفتاي كتعبير عن حزني الشديد وبكيت في صوت خاڤت تركني وابتعد وهو يلعن فانتفضت خوفا منه لكني لم أفعل شيئا سوى النهوض من مقعدي الصغير لجمع ما تفرق من ألعاب في محيطي.
كان ذلك آخر ما أذكره قبل أن استفيق فجأة من سباتي لأعتدل في رقدتي وأنا أرمش بعيني لعدة مرات حتى اعتاد على الظلام الدامس
هل كنت أبكي في الحقيقة أيضا
كفكفت بقايا دموعي العجيبة بظهر يدي وسحبت نفسا عميقا لفظته على مهل ثم رفعت يدي أعلى شعري نفضته في الهواء شعرت بالرطوبة وبارتفاع حرارة جسدي فقد كنت أتصبب عرقا رغم أن المكيف كان يعمل في الغرفة لجعل الأجواء لطيفة الټفت نحو يساري لأخذ كوب الماء المغطى الموضوع على الكومود ارتشف قدرا منه ووضعته في مكانه. استلقيت مرة ثانية لأحدق في سقف الغرفة بعينين متسعتين ما زالت تفاصيل هذا
الحلم الغريب حاضرة في ذهني لم أتمكن من النوم مجددا بقيت يقظة لوقت ليس بقليل حتى ضجرت من البقاء هكذا بلا شيء أفعله.
تجاوز الوقت منتصف الليل بفترة وكنت في قمة تنبهي ضجرت من مكوثي هكذا فقررت النهوض من على سريري وتحركت في اتجاه الشرفة على أمل أن أتمكن من القضاء على هذا الملل السقيم الذي حط بي. التقطت الروب الخاص بقميص نومي الأسود من على المشجب وضعته علي وسرت في اتجاه الشرفة ما إن فتحت بابها الزجاجي حتى شعرت بنسمات باردة منعشة تحاوط جسدي ولجت للخارج حافية القدمين ووقفت مستندة بمرفقي على حافتها أتأمل السواد الممتد في الأفق بنظرات فاترة وعقلي يعمل بكل طاقته محاولا تذكر ما دفنه الماضي شعرت بقليل من الۏجع يتسرب في ساقي جراء وقوفي الطويل فتراجعت لأجلس على واحد من المقاعد المريحة الموضوعة بها.
أكثر ما كان يزعجني في هذا المكان أنه عند تمام العاشرة مساء يعم فيه السكون بشكل عجيب لا تجد قاطنيه حاضرين خاصة بعد انصراف الخدم مما يدفعني أنا ووالدتي وشقيقتي للعودة إلى 
تثاءبت ووضعت يدي على فمي لتبدأ بعدها آثار النعاس في الظهور مطيت بذراعي على طولهما وقمت ناهضة استدرت عائدة للداخل لكن استوقفني أصوات مكابح السيارات والتي كانت قريبة للغاية لهذا رددت بتلقائية
من قادم في هذه الساعة
رجفة قوية اجتاحتني متوقعة احتمالية تكرار هذا الھجوم الغادر على القصر خاصة مع تأخر الوقت تصلبت في مكاني لهنيهة ثم حفزتني غرائزي الفضولي على رؤية ما يحدث لم أقاوم رغباتي واستدرت متسللة على أطراف أصابعي لأقترب من الشرفة اختلست النظرات بحذر تام فلمحت من موضعي ما يقرب من ثلاثة سيارات سوداء ورباعية الدفع اشرأبيت بعنقي لأرى من بها لم أتمكن من زاويتي تعذر علي فعل ذلك لكن أصوات الضحكات المكتومة جعل فضولي يزداد تراجعت للخلف وأنا اتساءل في تحير
من هؤلاء
أرهفت السمع لألتقط ما قد يشبع فضولي فكانت غالبية الأصوات بعيدة أو شبه خاڤتة وبالتالي تزايدت حيرتي. قلت في سخرية ساذجة
لا أظن أنهم ضيوف فوقت الزيارة قد مضى منذ ساعات!
استحثني فضولي على الخروج من غرفتي وتفقد الأمر بنفسي مع أخذ كامل الحيطة خلال تسللي هذا. لم أفكر مرتين وشرعت في تنفيذ قراري قبل أن أدير مقبض الغرفة سمعت جلبة خاڤتة تأتي من الخارج على مسافة قريبة فخفق قلبي في توتر وتجمدت أصابعي في
موضعها.
..........
كدت أتراجع عن قراري لولا أن استجمعت جأشي لا يوجد ما يخيف والمكان يقع تحت حراسة مشددة كما أن أصوات الضحكات الغريبة خفف قليلا من هجوم هذه الأفكار المخيفة إذا ما الذي يمكن أن يحدث فتحت الباب ببطء ونظرت من الڤرجة المواربة كانت البقعة التي وقعت عليها نظراتي خالية لهذا سحبت الباب ناحيتي لأطل برأسي في حذر وأنظر حولي بدا الوضع هادئا لا يوجد ما يريب إذا من أين تأتي الجلبة وقفت عند أعتاب الغرفة وتحركت في الرواق لعدة أمتار في اتجاه الدرج عندئذ رأيت آن تصعد عليه وهي تبرطم في سخط كالعادة تفاجأت بوجودها في هذه الساعة المتأخرة وناديتها بصوت لم يتجاوز الهمس
آن ما الذي تفعلينه في هذه الساعة المتأخرة
صدمت هي الأخرى
 

24  25  26 

انت في الصفحة 25 من 57 صفحات